بالأدلة والوقائع .. “هيومن رايتس ووتش”: “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب في غزة
اتهم تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية، الاحتلال الإسرائيلي، بارتكاب جرائم حرب خلال عدوانها الأخير على قطاع غزة في أيار/مايو الماضي.
وركّز التقرير، الذي نشرته المنظمة الحقوقية، اليوم الثلاثاء، على التحقيق في ثلاث هجمات جوية إسرائيلية، أدت إلى مقتل 62 مدنيا فلسطينيا.
وأكدت المنظمة، أن تلك الأهداف الثلاثة التي تم مهاجمتها من القوات الإسرائيلية لم تكن عسكرية.
ونقل التقرير عن المدير المساعد لقسم الأزمات والنزاعات في “هيومن رايتس ووتش” جيري سيمبسون قوله: “نفذت القوات الإسرائيلية هجمات في غزة في أيار/مايو دمرت عائلات بأكملها بدون أي هدف عسكري بالقرب منها على ما يبدو”.
وأضاف: “إن استمرار غياب الرغبة لدى السلطات الإسرائيلية في التحقيق بجدية في جرائم الحرب، يبرز أهمية إجراء تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية”.
وأفادت الأمم المتحدة أن الهجمات التي شنها الجيش الإسرائيلي خلال قتال أيار/مايو الماضي، أسفرت عن مقتل 260 فلسطينيًا، من بينهم ما لا يقل عن 129 مدنيًا، منهم 66 طفلًا، فيما قالت وزارة الصحة في غزة إن القوات الإسرائيلية أصابت 1,948 فلسطينيًا، بينهم 610 طفلًا، في حين قالت السلطات الإسرائيلية إن الهجمات الصاروخية وقذائف الهاون التي شنتها الجماعات الفلسطينية أسفرت عن مقتل 12 مدنيًا إسرائيليًا، وجرح “عدة مئات”.
وبحسب التقرير، أنه ومنذ أواخر أيار/مايو، قابلت “هيومن رايتس ووتش” شخصيا، 30 فلسطينيا شهدوا الهجمات الإسرائيلية، أو أقارب لمدنيين قتلوا، أو سكان المناطق المستهدفة. كما زارت موقع أربع غارات، وفحصت بقايا ذخائر، وحللت صور الأقمار الصناعية ومقاطع فيديو وصور التقطت في أعقاب الهجمات.
وأشارت “هيومن رايتس ووتش”، إلى أنها ركزت في تحقيقاتها على ثلاث هجمات إسرائيلية أسفرت عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، ولم يكن بجوارها أهداف عسكرية واضحة، مرجحة أن تكون الهجمات الإسرائيلية الأخرى أثناء النزاع غير قانونية.
وبحسب التقرير أنه في 10 أيار/مايو، وبالقرب من بلدة “بيت حانون”، سقط صاروخ إسرائيلي موجه قرب أربعة منازل لعائلة المصري، مما أسفر عن مقتل ثمانية مدنيين، بينهم ستة أطفال.
ويضيف، في 15 أيار/مايو، دمرت قنبلة موجهة مبنى من ثلاثة طوابق في مخيم الشاطئ للاجئين، مما أسفر عن مقتل 10 مدنيين فلسطينيين بينهم امرأتان وثمانية أطفال من عائلتين تربطهما صلة قرابة.
ويتابع التقرير، أنه في 16 أيار/مايو، ضربت سلسلة من الغارات الجوية الإسرائيلية استمرت أربع دقائق، شارع “الوحدة” في مدينة غزة، مما أدى إلى انهيار ثلاثة مبانٍ متعددة الطوابق، وأسفر عن مقتل 44 مدنيا فلسطينيا، حيث ادعى جيش الاحتلال أنه استهدف أنفاقا ومركز قيادة تحت الأرض، لكنه لم يقدم تفاصيل لدعم هذا الادعاء.
وطلبت “هيومن رايتس ووتش” في 30 أيار/مايو تصاريح لباحثين كبار في “هيومن رايتس ووتش” لدخول غزة لإجراء مزيد من التحقيقات في الأعمال العدائية، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت الطلب.
وذكرت المنظمة أن السلطات الإسرائيلية، ترفض منذ 2008 السماح لموظفي “هيومن رايتس ووتش” الأجانب بدخول غزة، باستثناء زيارة واحدة في 2016.
ودعت المنظمة الحقوقية حلفاء “إسرائيل” إلى الضغط من أجل السماح لمنظمات حقوق الإنسان بدخول غزة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان وتوثيقها.
كما طالبت الولايات المتحدة، التي تقدم مساعدات عسكرية كبيرة لـ “إسرائيل”، والتي استُخدمت أسلحة من صنعها في ما لا يقل عن هجومين من الهجمات التي حققت فيها “هيومن رايتس ووتش”، أن تشترط لأي مساعدة أمنية مستقبلية لإسرائيل اتخاذ إجراءات ملموسة وقابلة للتحقق منها لتحسين امتثالها لقوانين الحرب والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والتحقيق في الانتهاكات السابقة.
في 12 أيار/مايو، أشار مكتب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية إلى أنه يراقب الوضع في غزة، حيث دعت “هيومن رايتس ووتش” مكتب الادعاء أن يدرج في تحقيقه بشأن فلسطين الهجمات الإسرائيلية على غزة التي أسفرت عن خسائر مدنية غير قانونية على ما يبدو، وكذلك الهجمات الصاروخية الفلسطينية التي أصابت مراكز سكانية في إسرائيل.
واعتبرت المنظمة أن جولة القتال الأخيرة، مثل سابقاتها في 2008 و2012 و2014 و2018 و2019، من بين أعمال أخرى، وقعت وسط إغلاق إسرائيلي كاسح لقطاع غزة، الذي بدأ في 2007، والجهود التمييزية لإخراج الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية المحتلة، إضافة إلى السياسات والممارسات التي تشكل جزءا من جرائم الحكومة الإسرائيلية ضد الإنسانية والمتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد، كما وثقت “هيومن رايتس ووتش”.
في 27 أيار/مايو، شكل مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لجنة تحقيق لمعالجة الانتهاكات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، بما في ذلك عبر تعزيز المساءلة وتحقيق العدالة للضحايا.
وقالت المنظمة “على اللجنة التدقيق في الهجمات غير القانونية التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية أثناء قتال أيار/مايو، كما يجب أن تحلل السياق الأوسع، بما في ذلك المعاملة التمييزية للحكومة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين”.
وأضافت “ينبغي إطلاع المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية والسلطات القضائية الأخرى ذات المصداقية التي تدرس الوضع، على نتائج اللجنة”.
وتابعت “على السلطات القضائية في الدول الأخرى أن تحقق وتقاضي بموجب القوانين الوطنية المتورطين بشكل موثوق في جرائم خطيرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة وإسرائيل بموجب مبدأ الولاية القضائية العالمية، كما على الحكومات أيضا دعم إعلان سياسي قوي يعالج الضرر الذي تسببه الأسلحة المتفجرة للمدنيين ويلزم الدول بتجنب استخدام الأسلحة التي لها آثار واسعة النطاق في المناطق المأهولة بالسكان”.
وقال سيمبسون “لم تُظهر إسرائيل والسلطات الفلسطينية أي اهتمام يذكر بمعالجة الانتهاكات التي ترتكبها قواتهما، لذا ينبغي للمؤسسات القضائية العالمية والوطنية أن تكثف جهودها لكسر حلقة الهجمات غير القانونية والإفلات من العقاب على جرائم الحرب”.
وأضاف: “يجب أن تتناول هذه التحقيقات أيضًا السياق الأوسع، بما في ذلك إغلاق الحكومة الإسرائيلية الكاسح لغزة وجرائم الفصل العنصري والاضطهاد ضد ملايين الفلسطينيين”.
ولفتت المنظمة إلى أن قتال أيار/مايو 2021، جاء في أعقاب جهود من قبل مجموعات لمستوطنين يهود لطرد سكان فلسطينيين منذ فترة طويلة في القدس الشرقية من منازلهم ومصادرتها، حيث تسمح المحاكم الإسرائيلية لمجموعات المستوطنين اليهود برفع دعاوى تعود إلى ما قبل 1948 في القدس الشرقية المحتلة، على الرغم من أن الفلسطينيين هُجروا، وبالرغم من منع جميع الفلسطينيين الآخرين بموجب القانون الإسرائيلي من استعادة الممتلكات المصادرة منهم في أحداث 1948 داخل إسرائيل، فيما نظم الفلسطينيون مظاهرات حول القدس الشرقية، وأطلقت قوات الأمن الإسرائيلية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية والرصاص الفولاذي المغلف بالمطاط، مما أدى إلى إصابة مئات الفلسطينيين.
Source: Quds Press International News Agency